Advertisement
السمع ومشاكله – الباب الأول
السمع وظيفة فيزياوية ـ بايولوجية دماغية يؤديها عضو متطور ودقيق يستخدمه الإنسان وطيف واسع من الكائنات الحية لاستشعار الصوت ضمن ما يُعرف بـ (حاسة السمع)، هذا العضو هو الأذن.
فمن خلال الأذن يمكننا:
• سماع جميع أنواع الأصوات،(بما فيها المرعبة والتحذيرية والموسيقى وغيرها).
• التفاهم مع غيرنا ضمن فعاليات وأنشطة حياتنا الاجتماعية المختلفة.
• تعلم الكلام، فمن غير السماع لا يمكن للطفل أن يتعلم النطق والكلام.
كما أن للأذن وظيفة حفظ التوازن، ففي داخلها أجزاء تشريحية خاصة تستجيب لحركات الرأس فتعطي للدماغ معلومات عن تغير وضع الرأس والذي بدوره يبعث رسائل الى مختلف العضلات التي تحفظ الرأس والجسم متوازنين.
وبنظرة سريعة، فأن الأذن تتألف من ثلاثة أجزاء وتعرف كالأتي: الأذن الخارجية، الأذن الوسطى والأذن الداخلية.
الأذن الخارجية، تتكون من:ـ
1. الصيوان
وهو الجزء الخارجي من الأذن، مختلف الأشكال والأحجام، يتكون من نسيج غضروفي متين ومغطى بطبقة من الجلد، تتدلى في أسفله ما يُعرف بـ”شحمة” الأذن وتتكون من مادة دهنية، ويرتبط الصيوان مع الرأس بثلاث عضلات ليست ذات أهمية لدى الإنسان ولكنها تكبر لدى بعض الحيوانات فتزداد قوة السمع لديها كما في الكلاب والقطط والأرانب والخيول. مهمة الصيوان جمع الأصوات.
2. مجرى السمع الخارجي
ويسمى أيضاً بـ (قناة أو نفق السمع الخارجي)،وهو ممر صغير على شكل حرف S يبلغ طوله 5,2 سم، في ثلثه الخارجي يوجد شعر وغدد عرقية وغدد متخصصة تفرز الشمع، الشمع سائل دهني وظيفته حماية الأذن من مختلف أنواع الجراثيم والأجسام الغريبة الصغيرة، في هذا المجرى تمر الأصوات بعد تجميعها من قبل الصيوان.
إن إفراز المادة الشمعية ووجودها يدل على صحة الأذن ويتم إفرازه بعيداً عن غشاء الطبَلة كي لا يتسبب بالضغط عليه، وهنا لابد من الإشارة الى الخطأ الفادح الذي يقوم به الناس حينما يستخدمون العيدان القطنية في (تنظيف) الأذن وهم في حقيقة الأمر يدفعون بالشمع باتجاه غشاء الطبلة والذي يؤدي في بعض الأحيان الى آلام شديدة ودوار.
في تراكيب الجمجمة عظم يعرف بالعظم الصدغي(الصدغ)، هذا العظم يحيط بثلثي المجرى السمعي الخارجي وكذلك يحيط بالأذن الوسطى والداخلية.
غشاء الطبَلة وهو رقيق جداً، قابل للأهتزاز ومشدود بقوّة ويبلغ نصف قطره حوالي 10 ملم يفصل الأذن الخارجية عن الوسطى.
الأذن الوسطى:
حجرة صغيرة ممتلئة بالهواء حجمها يبلغ 1سم مكعب، تتصل بالخارج عن طريق (قناة أوستاكي) التي تنفتح على البلعوم.
والأذن الوسطى تقع خلف غشاء الطبلة وتتكون من ثلاث عظيمات صغيرة، وهي المطرقة، السندان والركابي/ على التوالي/،(عظيمة الركابي أصغرها، بل أصغر عظم في جسم الإنسان).
وظيفة تلك العظيمات، إيصال اهتزازات غشاء الطبلة بعد تضخيمها الى القوقعة.
أما قناة أوستاكي فتقع في الجمجمة وفيها هواء، مبطنة بغشاء مخاطي، يدخلها الهواء من البلعوم خلف الفم. في الأحوال الاعتيادية فأن قاة أوستاكي تكون مغلقة ولكنها مع كل حركة بلع يقوم بها الأنسان تُفتح.
ويمكن للإنسان أن يستشعر بوظيفة قناة أوستاكي بانغلاق الأذنين حينما يتخلخل الضغط عن توازنه(كما يحصل في ركوب الطائرة، وكذا الحال بالنسبة للغواصين، وهناك حالات مرضية يكون اختلال الضغط واضحاً فتنغلق الأذنين كما يحصل عند الإصابة بالزكام ونزول السوائل الأنفية).
عند الأطفال وخصوصاً الرضع منهم تكون قناة أوستاكي قصيرة، لذلك غالباً ما تلتهب الأذن لديهم وخصوصاً حينما يصابون بالزكام والسعال، فيعانون من آلام شديدة وهي أحد أهم الأسباب لبكاء هؤلاء الأطفال.
الأذن الداخلية:
وتقع في داخل الجمجمة وتتكون من تراكيب دقيقة متصلة ببعضها، وهي(الدهليز، القنوات الهلالية، القوقعة):ـ
1. الدهليز
دائري الشكل، يبلغ طوله حوالي 5 ملم، ترتبط جدرانه العظمية بين القنوات الهلالية الثلاث والقوقعة، في داخل الدهليز كيسان يشبه كل منهما الحقيبة، أحدهما أسمه “القُريبة” والأخر “الكُييس”. يوجد على الجدار الداخلي لكلا الكيسين انتفاخ مبطن بخلايا حسية خاصة ذات بروزات دقيقة تشبه الشعر تتصل بألياف عصبية، وتغطى بغشاء دقيق فيه حبوب صغيرة تسمى حبوب التوازن. وفي الدهليز غشاءان يواجهان الأذن الوسطى، أحدهما يُطلق عليه أسم النافذة “البيضوية” والأخر النافذة “المستديرة”.
2. القنوات الهلالية
وهي ثلاث قنوات(الجانبية والعليا والخلفية) تقع خلف الدهليز، مرتبة مع بعضها بزوايا قائمة، كل قناة عبارة عن أنبوب يحتوي على سائل، وفي نهاية كل أنبوب يوجد توسع يسمى”الأنبورة” (الجراب)، يحتوي على خلايا شعرية تتصل بألياف عصبية، كما أن هذه الأنابيب تتصل بالقُريبة التي تتصل بدورها بالكُييس، عن طريق أحدى القنوات، وبذلك فأن التراكيب التشريحية السمعية(القنوات+ القُريبة+الكُييس) هي المسؤولة عن التوازن.
3. القوقعة
تقع أمام الدهليز وتشبه صدفة حيوان الحلزون، وعدد لفاتها لفتان ونصف تحتوي على ثلاثة أنابيب مليئة بسائل، الأنبوب الأول يبدأ من النافذة البيضوية والأخر من النافذة المستديرة، يلتقيان عند قمة الحلزون، الأنبوب الثالث يقع بين الأنبوبين، ويحتوي على أكثر من 15 ألف خلية شعرية مغطاة بالغشاء السقفي فتكوّن ما يُعرف “جسم كورتي”، وهو عضو السمع الفعلي.
عصب الأذن يسمى “العصب الدهليزي القوقعي”، وله فرعان، الأول هو “العصب الدهليزي”، وتمتد اليافه الى الخلايا الشعرية في القُريبة والكُييس والأنبورة، فينقل “حس التوازن”، أما الثاني فهو “العصب القوقعي”، وتمتد اليافه الى الخلايا الشعرية الموجودة في جسم كورتي حيث ينقل “حس السمع”.
الصوت
يتكون الصوت من ذبذبات تسير في موجات ولا يمكن لها أن تنتقل في الفراغ، تختلف الأصوات من حيث التردد ومن حيث الشدّة.
التردد
هو عدد الذبذبات الحاصلة في الثانية الواحدة وتقاس بالهرتز، والهرتز = ذبذبة/ ثانية. ويتراوح سمع الإنسان بين 20 و20 ألف هرتز، تقل قدرة الإنسان على سماع الأصوات ذات التردد العال مع تقدم العمر.
الشدّة
هي كمية الطاقة في موجة الصوت، وتقاس بالديسيبل، الإنسان لا يسمع الصوت شدته (صفر) ديسيبل، أما أذا بلغت الشدة 140 ديسيبل فأن ذلك الصوت يسبب ألماً للأذن وقد تتضرر بشكل كبير الى حد فقدان السمع.
كيف يحصل السمع؟
أولاً ـ حينما يدخل الصوت الى قناة السمع الخارجية بعد تجميعه من قبل الصيوان، يرتطم بغشاء الطبَلة فتهتز حيث تحصل ذبذبات من الغشاء الى عظيمات الأذن الوسطى الثلاث، مسببة اهتزاز الصفيحة القاعدية للركابي فتؤدي الى حصول موجات في سائل أنابيب القوقعة.
هناك وسيلة أخرى لوصول الصوت الى الأذن الداخلية، وذلك عن طريق عظام الجمجمة ونطلق عليها(النقل العظمي) للصوت، خاصية النقل العظمي يستخدمها أطباء الأنف والأذن والحنجرة بفحص سلامة العصب السمعي لدى مرضاهم.
ثانياً ـ حينما تتحرك الصفيحة القاعدية للركابي التي تسبب موجات في سائل القوقعة والذي يضغط على الغشاء القاعدي ليجعله يتحرك، حيث تنزلق خلايا كورتي على الغشاء السقفي، فينتج عن ذلك أنثنائها مما يحدث دفعات في ألياف عصب القوقعة الملامس لهذه الخلايا، ويقوم عصب القوقعة بنقل هذه الدفعات الى الفص الصدغي(أحد أجزاء الدماغ) وهو مركز السمع فيه حيث يقوم الدماغ بترجمة هذه الدفعات الى أصوات.
يعتمد ما نسمعه من صوت على:
1. شدته.
2. عدد الخلايا الشعرية.
3. عدد الدفعات التي يرسلها عصب القوقعة الى الدماغ.
ويعتمد تحديد الاتجاه الذي يأتي منه الصوت على السمع بالأذنين معاً ،فالصوت الصادر عن الجانب الأيمن يصل الى الأذن اليمنى قبل اليسرى بمدة زمنية مقدارها جزء من الثانية وهو أيضاً أقوى في الأذن اليمنى، فالدماغ يدرك هذا الاختلاف اليسير جداً في الوقت والقوة، وبالتالي يتمكن من تحديد الاتجاه الذي صدر منه الصوت.
التوازن
الدماغ يحفظ التوازن عن طريق الاستجابة للمعلومات التي تصله من مختلف الأعضاء الحسية، فتصله معلومات:ـ
أ) حول التغيرات في وضع الرأس عن طريق القنوات الثلاث والقُريبة والكُييس.
ب) حول التغيرات في وضع الجسم عن طريق العينين والأطراف والأجزاء الأخرى من الجسم التي تمتلك خلايا خاصة حساسة.
• القنوات الهلالية المليئة بالسائل تحفظ التوازن، حيث يتدفق هذا السائل نحو اتجاه معين عند تحريك الرأس، أن القنوات تتأثر بمختلف أنواع الحركات، أما التفات الرأس فيؤثر على القناة الجانبية في كل أذن.
• كما أنها تتعامل مع التفات الرأس أو الميل أو الانحناء، فيتدفق السائل باتجاه معين، فإذا التفت الرأس فأن القناتين الأفقية والجانبية في كل أذن، ستتأثران، حيث يتحرك السائل في الاتجاه المعاكس ضمن أنابيب القناتين، هذه الحركة ستنبه الخلايا الشعرية لأنبورة إحدى الأذنين، فترسل عدد كبير من الدفعات الى الدماغ عبر ألياف العصب الدهليزي الملامسة لهذه الخلايا، أما في الأذن الأخرى فأن حركة السائل ستكون ذات تأثير معاكس وترسل دفعات أقل الى الدماغ، وبذلك يتمكن الدماغ أن يحدد الاتجاه الذي استدار اليه الرأس من خلال الاختلاف في الدفعات الواصلة اليه من كل أذن، أما أذا كان الرأس ثابت فأن الأذنين ترسلان عدد متساوٍ من الدفعات.
• أما ما يحصل نتيجة اختلاف الجاذبية (في الطائرات) أو في الأماكن الشاهقة، فأن القُريبة والكُييس تستجيبان بواسطة غبار التوازن، فحينما يضغط غبار التوازن على الخلايا الشعرية فأنها تنبه الياف العصب الدهليزي الملامسة لها، وتعتمد قوة الضغط هذه على شدة الجاذبية، يرسل العصب الدهليزي المعلومات الى الدماغ الذي يحافظ على وضع الجسم، وفي حالة الرحلات الفضائية فالقُريبة والكُييس تتوقفان عن العمل.
• في حالة اضطراب التوازن فأن الأجزاء المسؤولة عن التوازن ترسل دفعات غير طبيعية الى الدماغ الذي يبدأ بتفسير رسائلها المشوهة فينعكس ذلك على شكل فقدان التوازن وهي حالة الدوار.
• أما الذين يعانون من دوار السفر أو دوار ركوب السيارة أو دورانهم حول أنفسهم، فأن سبب ذلك هو التنبيه السريع لأعضاء الدهليز وبالنتيجة فأن الدماغ يتأثر برسائل ذلك التنبيه.